إلهي عظم البلاء وبرح الخفاء وانكشف الغطاء وانقطع الرجاء ، وضاقت الأرض ومنعت السماء وأنت المستعان وإليك المشتكى وعليك المعول في الشدة والرخاء ، اللهم صل على محمد وآل محمد أولي الأمر الذين فرضت علينا طاعتهم ، وعرفتنا بذلك منزلتهم ، ففرج عنا بحقهم فرجاً عاجلاً قريباً كلمح البصر أو هو أقرب.

إنصهار مع الماضي



- " أنا أريد وأنت تريد والله يفعل ما يريد"
كانت هذه آخر عبارة قالتها له قبل أن يفترقا ويذهب كلٌّ في طريقه.
كان "هو" لا يزال يسكن فيها، حاولت بشتّى الطرق أن تنساه، ولكنها كانت تذكره حتى وهي في أوج انشغالاتها.
كانت تبحث عنه بين المارة عسى أن يُشفق عليها القدر هذه المرة فيجمعها به ولو للحظة فهي لا تتطلب الكثير.
في المساء عندما تستعيد تفاصيل يومها المنصرم، تجدها تحدّث طيفه وتخبره عمّا فعلت، وكذلك عندما تفرح أو تحزن، أو عندما تحاكي نفسها بما يختلج في داخلها تتنبه إلى أنها تخاطبه "هو".
وأخيراً كي لا تستمر على هذه الحال، قررت أن تتواطأ مع الحزن وتنتصر على معاناتها.


بعد فترة، عمل "هو" بما تقتضيه سنّة الحياة ووجد حبيبة أخرى. إختارها متوافقة إلى حدّ ما مع لائحة المواصفات التي وضعها لزوجة المستقبل المناسبة، ومن بين هذه المواصفات كان هواها للشعر والأدب مثل(ها).
وحدث ذات يوم أن أعجبَ الحبيبة الجديدة كتاب قصائد، فاشترته وسارعت إلى حبيبها لتقرأه له.
- الحبيبة: العنوان: إمرأة تسكن الماضي.
- "هو": أيّ مغفلة تلك التي تفعل هكذا ... هاتي أسمعينا ما لديك لنرى!!! ...
قالها بابتسامة ساخرة وأخذ يصغي. ولكن ما إن قرأت القصيدة الأولى، حتى كان وقعها كالصاعقة عليه. شعر وكأنه يستيقظ من غيبوبة طويلة دخل فيها منذ لحظة الفراق تلك وأحالته إلى إنسان آخر لا يشعر بأي شيء ...نظر الى تلك التي تقرأ كانت غريبةً عنه وكأن مشاعره كانت مصابة بفقدان الذاكرة.
كان "هو" بطل تلك القصيدة وروحها، وكلماتـ"ـها" التي لا يتوه عنها هي أنفاس القصيدة وحياتها.
إنتزع من حبيبته الغريبة الكتاب وأخذ يتصفحه، فإذا هو عبارةٌ عن قصائد وخواطر ويوميات يعهد بعضاً منها وبعضٌ آخر يظهر أنه كُتب حديثاً وينمّ عن إنسانة تصخب بالحب.
- ولكن ما هذه الخيانة...كيف تُنشر هذه القصائد...إنها لي وحدي وهي قطعت عليّ وعداً بذلك...
كان على يقين أنه يعرف اسم الكاتبة. نظر إلى الغلاف فقط ليروي عطشه ببعض حروف شكّلت اسمها الذي كان يردده في الماضي مع كل خفقة قلب، ولكنه استحال فيما بعد إلى اسم لصندوق ذكريات صدِئ خبأه في أعماق أعماقه، وها هو يُفتح من جديد على وقع إسمها ليتحول الماضي الذي حبسه فيه الى هشيم نار يحرق كل كيانه. عاد وفتح الكتاب ثانيةً، ليقع نظره هذه المرة على الإهداء:


"إلى من لم أستطع أن أشفى منه يوماً 
إليكَ ذكرياتنا التي اتخذتها دثاراً لروحي وحياتي وآليت إلّا أن أغزلها بقلمي وأرتق بحروفي الفتوق التي  قد يجرؤ النسيان على إحداثها في ذاكرتي
إليك أيامي التي قضيتها معك أنت أيها الحاضر الغائب
إليك رسائلي التي واظبت على أن أكتبها لك كل مساء
رغم عجزي عن إرسالها لك 
حتى قررت أن أكتبها لكل الناس عسى أن يوصلها أحدهم إليك يوماً"



هناك تعليقان (2):

  1. والله لو اعرفه كنت وصلتهالوا
    بس بجد كلام معبر جدا

    ردحذف
  2. للقدر فنون قد تحول دون وصول الرسائل :)
    شكراً لمرورك :)

    ردحذف